سورة يس - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} قال مقاتل: اعتزلوا اليوم من الصالحين. قال أبو العالية: تميزوا. وقال السدي: كونوا على حدة. وقال الزجاج: انفردوا عن المؤمنين. قال الضحاك: إن لكل كافر في النار بيتًا يدخل ذلك البيت ويردم بابه بالنار فيكون فيه أبد الآبدين لا يرى ولا يرى.
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ} ألم آمركم يا بني آدم {أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} أي: لا تطيعوا الشيطان في معصية الله {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} ظاهر العداوة.
{وَأَنِ اعْبُدُونِي} أطيعوني ووحدوني {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}.
{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا} قرأ أهل المدينة، وعاصم: {جبلا} بكسر الجيم والباء وتشديد اللام، وقرأ يعقوب: {جبلا} بضم الجيم والباء وتشديد اللام، وقرأ ابن عامر، وأبو عمرو بضم الجيم ساكنة الباء خفيفة، وقرأ الآخرون بضم الجيم والباء خفيفة، وكلها لغات، ومعناها: الخلق والجماعة أي: خلقا كثيرًا {أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} ما أتاكم من هلاك الأمم الخالية بطاعة إبليس، ويقال لهم لما دنوا من النار:


{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} بها في الدنيا {اصْلَوْهَا} ادخلوها {الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} هذا حين ينكر الكفار كفرهم وتكذيبهم الرسل، فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن حفصويه السرخسي، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، أخبرنا أبو يزيد حاتم بن محبوب، أخبرنا عبد الجبار بن العلاء، أخبرنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: «هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحاب؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟» قالوا: لا قال: «فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم كما لا تضارون في رؤية أحدهما»، قال: «فيلقى العبد فيقول: أي عبدي ألم أكرمك؟ ألم أسودك ألم أزوجك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك تترأس وتتربع؟ قال: بلى يا رب قال: فظننت أنك ملاقي؟ قال: لا قال: فاليوم أنساك كما نسيتني، قال: فيلقى الثاني فيقول: ألم أكرمك، ألم أسودك، ألم أزوجك، ألم أسخر لك الخيل والإبل وأتركك تترأس وتتربع؟- وقال غيره عن سفيان: ترأس وتربع في الموضعين- قال: فيقول: بلى يا رب، فيقول: ظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا يا رب قال: فاليوم أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثالث فيقول؟ ما أنت؟ فيقول: أنا عبدك آمنت بك وبنبيك وبكتابك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع قال: فيقال له: ألم نبعث عليك شاهدنا؟ قال: فيتفكر في نفسه من الذي يشهد عليَّ فيختم على فيه ويقال لفخذه: انطقي قال: فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل وذلك المنافق وذلك ليعذر من نفسه وذلك الذي سخط الله عليه».
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم تدعون فيفدم على أفواهكم بالفدام فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكفه» أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أخبرنا مسلم بن الحجاج، أخبرنا أبو بكر بن أبي النضر، حدثني هاشم بن القاسم، أخبرنا عبد الله الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن عبيد المكتب، عن فضيل، عن الشعبي، عن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال: «هل تدرون مم أضحك؟» قال: قلنا الله ورسوله أعلم، قال: «من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: فيقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجير على نفسي إلا شاهدا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، فيقول: بعدا لَكُنَّ وسحقًا فعنكن كنت أناضل».


قوله عز وجل: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} أي: أذهبنا أعينهم الظاهرة بحيث لا يبدو لها جفن ولا شق، وهو معنى الطمس كما قال الله عز وجل: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم} [البقرة- 20] يقول: كما أعمينا قلوبهم لو شئنا أعمينا أبصارهم الظاهرة {فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ} فتبادروا إلى الطريق {فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} فكيف يبصرون وقد أعمينا أعينهم؟ يعني: لو نشاء لأضللناهم عن الهدى، وتركناهم عميا يترددون، فكيف يبصرون الطريق حينئذ؟ هذا قول الحسن والسدي، وقال ابن عباس، وقتادة، ومقاتل، وعطاء: معناه لو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم فأعميناهم عن غيهم، وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فأبصروا رشدهم {فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} ولم أفعل ذلك بهم؟
{وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} يعني: مكانهم: يريد: لو نشاء لجعلناهم قردة وخنازير في منازلهم، وقيل: لو نشاء لجعلناهم حجارة، وهم قعود في منازلهم لا أرواح لهم. {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ} إلى ما كانوا عليه، وقيل: لا يقدرون على ذهاب ولا رجوع.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8